هرمون الاوكسيتوسين ومرضى التوحد

هرمون الاوكسيتوسين ومرضى التوحد

 هرمون الاوكسيتوسين ومرضى التوحد

ان هرمون الاوكسيتوسين Oxytocin هو عبارة عن ناقل عصبي ينتج في منطقة تحت المهاد (منطقة الدماغ التي توصل الجهاز العصبي الذاتي بالجهاز الإفرازي)، ثم ينتقل إلى الغدة النخامية ليخزن في فصها الخلفي. يرتبط هذا الهرمون بالعديد من الوظائف مثل الولادة والرضاعة الطبيعية والعاطفة، ويُعتقد بأنه يولد الثقة ويساعد على بناء العلاقات.

يعد العجز في التواصل الاجتماعي هو السمة الاساسية لمرض التوحد وهو اضطراب في النمو العصبي له عبئ مادي وعاطفي كبير على المرضى المصابين وعائلاتهم والمجتمع. لقد تلقى الاوكستوسين الانتباه مؤخرا بسبب مشاركته في تنظيم القدرات الاجتماعية وذلك بسبب دوره في الجوانب العديدة من السلوك الاجتماعي والادراك الاجتماعي لدى الانسان وغيره من الانواع. وعلى الرغم من توفر العلاجات المختلفة لمرض التوحد الا انها ذات فعالية قليلة كما انه لا يوجد اي علاج يتصدى لمظاهر العجز الاجتماعي الاساسي في مرض التوحد. 

 يمكن استخدام الأوكسيتوسين والمعروف باسم "هرمون الحب" كدواء مساعد للأشخاص الذين يعانون من حالات مثل التوحد والقلق للتعامل مع المواقف الاجتماعية فقد اشارت دراسة حديثة الى قدرته على خفض مستويات اليقظة. وأصبح العلماء مهتمين بشكل متزايد باستخدام الأوكسيتوسين لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من حالات مثل الفصام والتوحد والقلق والاكتئاب. وأظهرت احدى الدراسات أن اعتماد الأوكسيتوسين عن طريق رذاذ الأنف، قد يساعد في تعزيز المهارات الاجتماعية للأشخاص المصابين بالتوحد، في الدراسة الحديثة التي أجراها معهد كينغز كوليدج لندن، وهي أول دراسة تقارن طرائق إيصال الهرمونات المختلفة وكيفية تأثيرها على تدفق الدم في الدماغ. شملت الدراسة 17 مشاركا من الذكور يبلغ متوسط أعمارهم 25 عاما، ولم يتعرضوا لأي أمراض نفسية. وتلقى المشاركون في التجربة هرمون الأوكسيتوسين، بواسطة ثلاث طرائق، وهي: الحقن والرذاذ الأنفي وقناع يغطي الوجه يقدم جرعات الهرمون مع التنفس.

ثم قام الفريق بقياس نشاط الدماغ لدى المشاركين عن طريق ماسح التصوير بالرنين المغناطيسي. لاحظ فريق العمل أنه في جميع الطرائق، انخفض تدفق الدم إلى منطقة الدماغ المشاركة في معالجة المعلومات الاجتماعية والعاطفة والقلق، ووجدوا ان الاوكسيتوسين يحسن وظائف الدماغ للأطفال المصابين بالتوحد. وهكذا يعتقد ان الاوكسيتوسين زاد من نشاط المناطق في الدماغ المسؤولة عن معالجة المعلومات الاجتماعية. واظهر الباحثون ان هذه النشاطات كانت مرتبطة بالمهام المتعلقة بمعالجة المعلومات الاجتماعية المتعددة كالرؤية والسمع ومعالجة المعلومات المتعلقة بفهم الاخرين.

يقابل ذلك فان مجموعة باحثين اخرى من معهد الطب النفسي لولاية نيويورك وجامعة كولومبيا، صمموا تجربة لمعرفة ما إذا كان الأوكسيتوسين علاجًا آمنًا وفعالًا / ناجعًا للأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد. وقد سجل فريق البحث 290 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و17 عامًا، مقسمين حسب العمر وشدة أعراض التوحد لديهم. قُسم الأطفال بشكل عشوائي على مجموعات متشابهة ومتساوية الحجم لتلقي الأوكسيتوسين على شكل رذاذ في الأنف يوميًا لفترة 24 أسبوعًا. إلا أنه لم يُظهر أي فائدة كبيرة بين مجموعة الأطفال.

ومآبين التجارب العلمية المشجعة والمشككة بالقيمة العلاجية لهرمون الاوكسيتوسين، يبقى اطفال التوحد على قيد الامل.

 

ا.م.د. رشيد محمد رشيد

 Sc.rashird_mr@uoanbar.edu.iq