الامطار والسيول وازمة قواعد البيانات لادارة الموارد المائية في العراق

2022-11-24

أ.د. عمار حاتم كامل

مدير مركز تنمية حوض اعالي الفرات – جامعة الانبار

شهد العراق خلال شهري تشرين اول (اكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) هطول كميات جيدة من الامطار نتج عنها سيول في عدد من الجابيات خاصة في منطقة الصحراء الغربية بعد ثلاث سنوات متتالية من قلة المتساقط من الامطار شتاء وارتفاع في درجات الحرارة وعواصف ترابية صيفا وتعالت الاصوات والدعوات لانشاء احزمة خضراء ومكافحة التصحر وتقليل اثار التغيرات الحرارية مالبثت ان خفت ولانقول تلاشت مع انحسار موجة الحر والعواصف الترابية!!.

وتكررت مؤخرا (اعوام 2018 و2019) حدوث فيضانات في الكثير من مناطق العراق مع موسم الامطار شتاءا لنفاجى بالحديث عن ازمة مياه في الصيف التالي حتى جاءت موجة الجفاف الاخيرة والتي استمرت ثلاث مواسم صيفا وشتاءا لتدق ناقوس الخطر بقوة.

كما اشرنا مع كل عاصفة ترابية او موجة حر او زيادة في التصحر وتدهور الاراضي الزراعية يكون الحدبث عن الحلول وتقليل الاثار وتشجير الصحراء والاحزمة الخضراء وترشيد استهلاك الموارد المائية ووصل الحد الى تقليل او تقليص الخطة الزراعية مع استخدام الطرق الحديثة للري. وبالرغم من اهمية وجدوى مايتم طرحه الا اننا في مركز تنمية حوض اعالي الفرات وهو مركز بحثي من المراكز البحثية في جامعة الانبار من ضمن اهتماماته وخطوطه البحثية موضوع ادارة الموارد المائية واستدامتها كجزء من رؤية واهداف الجامعة لتحقيق التنمية المستدامة, اشرنا اهمال عنصر مهم ومحوري يمكن ان يكون له الدور الابرز في وضع الحلول الناجحة والكفؤة  للمشاكل والازمات التي اشرنا اليها سابقا والمقصود هنا قواعد البيانات الخاصة بالموارد المائية وبالاخص منطقة الصحراء الغربية العراقية والوديان والجابيات في بقية مناطق العراق عموما.

تمثل الموارد المائية ومايتعلق بها الاساس المرتبط بستة اهداف من اهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الامم المتحدة لتحقيق رؤية 2030 والزمت الدول الموقعة عليها ومنها العراق باتخاذ خطوات جدية لتحقيقها وعملت مؤتمرات عالمية سنوية لمعرفة مدى انجاز الدول لتحقيق هذه الاهداف قبل اتخاذ خطوات قد تكون عقابية بحق الدول المتاخرة والمتلكئة. فالاهداف الاول والثاني والثالث والسادس والحادي عشر والثالث عشر كلها لها علاقة بالموارد المائية واستدامتها اضافة الى العديد من الاهداف الاخرى التي تتاثر بموضوع المياه. لذلك فان وجود قاعدة بيانات واسعة ودقيقة للموارد المائية ممكن ان يساهم بشكل كبير في تطوير نماذج لدراسة هيدرولوجية المنطقة بدقة اكبر والعمل على مشاريع ناجحة ومجدية اقتصادبا ومستدامة سواء مايتعلق منها بالجانب الزراعي او الاقتصادي او المحميات الطبيعية او الاحزمة الخضراء ومكافحة التصحر.

وادراكا من مركز تنمية حوض اعالي الفرات لاهمية قواعد البيانات للموارد المائية لدعم المشاريع التنموية من خلال هذه البيانات وتوفيرها للباحثيين وطلبة الدراسات العليا فقد بادر الى نشر محطات للانواء الجوية في الرمادي وحديثة مع تعاون لتبادل المعلومات مع ادارة السدود الصغيرة في الرطبة لانجاز اعمال الرصد للجابيات والامطار في المنطقة الغربية من العراق. وخلال شهرين من الارصاد وتسجيل وتبادل البيانات تاشر لدينا الاتي :

·    عدم وجود محطات رصد هيدرولوجية متكاملة ودقيقة لاغلب الجابيات فب المنطقة على الرغم من اتساع مساحاتها ويقتصر وجود بعض المحطات في مراكز المدن على نهر الفرات حيث لاحظنا على الرغم من السيول الكبيرة في جابيات عديدة الا ان المحطات في مراكز المدن اشرت قطرات او كميات قليلة لاتعكس كميات السيول المسجلة.

·        في محطة الرمادي مثلا تم تسجيل (0.2) ملم وهي كمية قليلة جدا بينما سجلت محطة مركز انمية حوض اعالي الفرات لنفس الفترة الزمنية بحدود (11) ملم وقد لاحظنا كميات الامطار الكبيرة التي ادت الى فيضانات في الشوارع وبعض المناطق مما يعني ان هنالك محطات كثيرة للانواء الجوية تحتاج الى صيانة وادامة.

في اغلب دول العالم تكون الاوقات الخاصة بالسيول والامطار فرصة لاتقدر بثمن لاجراء القياسات والدراسات وتوفير قواعد بيانات ممكن ان بنتج عنها تطوير نماذج عددية يمكن ان تساهم في تطوير المفاهيم الخاصة بانظمة ادار الموارد المائية ووضع حلول لمختلف المشاكل المتعلقة بالجفاف والفيضانات وما يرتبط منها بالخطط الزراعية والري كما لايخفى على المختصيين اهمية هذه البيانات لوضع الخطط المستقبلية والاستراتيجية لادارة ملف المياه كاهم المواضيع لمستقبل العراق وانعكاسات ذلك على المفاوضات مع دول الجوار بخصوص ادارة احواض الانهار المشتركة.

لذلك ندعوا اصحاب القرار ووزارة الموارد المائية والهيئة العامة للانواء الجوية والرصد الزلزالي الى تاسيس وتنصيب شبكة من محطات الرصد الهيدرولوجي الحديثة والمتطورة في جابيات ووديان العراق عامة والصحراء الغربية خاصة ويمكن ان يكون تعاون مع القوات الامنية من الجيش والمنتشرة في مختلف هذه المناطق البعيدة والنائية بان تكون هذه المحطات ضمن الوحدات العسكرية والوصول اليها مؤمن لاخذ البيانات حيث ان المحطات الحديثة والمتطورة تسجل بيانات تفصيلية تخزن في ذاكرتها الالكترونية يمكن تفريغها بشكل دوري وممكن ان توفر قاعدة بيانات لاتقدر بثمن للباحثيين وطلبة الدراسات العليا.

#جامعة_الأنبار

#university_of_anbar

#مركز_تنمية_حوض_اعالي_الفرات

#Upper_Euphrates_Basin_Developing_Center