حرب الأيام العشرة في اليمن الجنوبي عام 1986

2022-09-19

حرب الأيام العشرة في اليمن الجنوبي عام 1986

 

 م.م امين ياسين عباس

حرب الأيام العشرة في اليمن الجنوبي عام 1986

مثلت احداث الحرب الاهلية التي اندلعت في الثالث عشر من كانون الثاني عام 1986 ،بين قيادات السلطة حدثاً مهماً في تاريخ اليمن الجنوبي، بيد إن هذه الحرب لم تكن وليدة اللحظة في ذلك الوقت، بل ترجع جذورها الأولى الى عام 1978، والذي مثل هذا العام الإطاحة برئيس اليمن الجنوبي سالم ربيع علي من منصبه واعدامه من العام نفسه، فضلا عن اقصاء عبد الفتاح إسماعيل الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني من السلطة في نيسان عام 1980، وتولي علي ناصر محمد رئاسة البلاد عام 1980 ،على اثر الصراع السياسي على السلطة الذي دب بينهما، الامر الذي أدى الي دخول البلاد بحرب دموية بين اجنحة السلطة وهم جناح الرئيس علي ناصر محمد وجناح عبد الفتاح إسماعيل واستخدمت فيها جميع الأسلحة الخفيفة والثقيلة بما فيها الدبابات والمدرعات، وتعرضت الكثير من الممتلكات العامة والخاصة بما في ذلك المنشآت الحيوية الى الدمار والخراب، نتج عن ذلك وقوع خسائر بشرية كبيرة ذهب ضحيتها اكثر من أربعة الاف قتيل من قيادات الحزب الاشتراكي اليمني، ولاسيما خمسة عشر الف قتيل من أبناء الشعب اليمني بالجنوب، فضلا عن الخسائر المادية التي تراوحت ما بين أربعة مليارات الى عشرة مليارات دولار، الامر الذي أدى الى تحول العاصمة عدن الى مدينة اشباح بسبب الدمار والخراب الذي حل بها وفي الخامس عشر من كانون الثاني عام 1986، أعلنت قوات المعارضة سيطرتها على البلاد مما دفع الرئيس علي ناصر محمد في الثامن عشر من كانون الثاني من العام نفسه اصدار أوامره لأنصاره لوقف القتال، والاحتكام لسياسة الحوار متبعاً بذلك سياسة النفس الطويل في التفاوض مع خصومه، واختيار السفارة الروسية مكاناً للمفاوضات غير ان تلك المفاوضات التي جرت بين الطرفين باءت بالفشل وبالتالي حسم الامر لصالح التيار المعارض بزعامة عبد الفتاح إسماعيل لحكم الرئيس علي ناصر محمد لتحقيق الانتصار عليه بعد عشرة أيام دامية شهدتها البلاد، وعلى اثرها تقهقرت قوات الرئيس علي ناصر محمد واجبرت على الانسحاب والانضمام الى القوة العسكرية في مدينة ابين التي كان الرئيس علي ناصر محمد يعدها لاستئناف الهجوم مجدداً على العاصمة عدن أملاً منه لاستعادتها، الا ان تحشد القبائل اليمنية الموجودة هناك ضده وضع الرئيس علي ناصر محمد امام خيار صعب اما الهجوم على العاصمة او الانسحاب، لكنه في الوقت ذاته ادرك خطورة الامر فقرر الانسحاب مع الالاف من أنصاره من أبناء الشعب اليمني خارج البلاد واللجوء الى اليمن الشمالي وتحديداً العاصمة صنعاء، وبذلك تركت الحرب الاهلية في اليمن الجنوبي اثاراً أليمة في نفوس أبناء الشعب اليمني في الجنوب، وذلك بسبب تفضيل الزعماء السياسيين حل صراعاتهم السياسية عن طريق العنف والعمل المسلح، متناسين بذلك حق الشعب اليمني الذي اوكل اليهم مهمة تحمل المسؤولية الوطنية التي لم يراعوا حقها، ولم يركنوا الى تحكيم ضمائرهم الإنسانية، لذا فإن تعقيدات الواقع السياسي اليمني وعدم فهم القيادة السياسية لفكر الحزب الاشتراكي اليمني فتح باب الصراع على مصراعيه امام الاتجاهات المتطرفة التي استخدمت القاعدة القبلية لتكون جسراً لها تعبر عليه لتحقيق أهدافها المزعومة، وبالتالي خلفت احداث عام 1986 جرحاً عميقاً في نفوس أبناء الشعب العربي في الجنوب لم يلتئم ، وما تسببت به تلك الاحداث من نتائج كارثية على البلاد سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وثقافياً .

وفي الثالث والعشرين من كانون الثاني عام 1986 ، انتهت العمليات العسكرية وتوقف القتال بين الأطراف المتحاربة ، ورجحت الكفة لصالح القوات المعارضة الجنوبية ، وبذلك شرعت القيادة الجماعية الجديدة بعد ان كتب لها الانتصار تولي إدارة البلاد ، وأصدرت قرارها القاضي بطرد علي ناصر محمد من الحزب وتجريده من جميع مناصبه الحزبية والحكومية وتقديمه الى القضاء جراء الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب اليمني في الجنوب لينال جزاءه العادل، كما منحت تلك القيادة الجماعية المكتب السياسي الجديد للحزب الاشتراكي اليمني صلاحيات واسعة لاتخاذ إجراءات تنظيمية سياسية وإدارية التي من شأنها تؤدي الى تعزيز دور الحزب القيادي والقيادة الجماعية الجديدة في أسلوب إدارة الدولة .

تهيئة الطابعة   العودة الى صفحة تفاصيل الخبر