الاستاذ الدكتور مشعل عبد خلف 

      قسم الاقتصاد الزراعي

تعتبر المياه من العناصر الاساسية لاستمرار الحياة في اي رقعه تصلح للعيش وقد شرعت  الشرائع السماوية بعدم جواز تملك المياه لما لهذا العنصر من اهمية في الحياة. الا ان  وحدة المياه لها  قيمة ولها تكلفة ويجب ان يكون لها سعر يراعى عند الاستخدام. فقيمة المتر المكعب من المياه لا شك انها تتمثل بقيمة الناتج الحدي له . وان المياه رغم انها من الموارد الطبيعية الا انها لها تكلفة اجتماعية وقد تكون لها تكلفة خاصة ايضا . اذ ان تكلفتها الاجتماعية تتمثل بمعدل تكلفة وحدة المياه التي يتحملها المجتمع ولا يدفعها مستخدمها والتي قد تتفاوت من مكان لاخر ومن وقت لاخر بحسب ظروف العرض والطلب للموارد المائية . ولذلك فان عرض المياه لا يتحدد بسعر المياه كما هو الحال في السلع الاخرى بل ان كلفة المياه ومن ثم سعرها  يتاثر بمعروضها . الا ان الغريب ان تجد الكثير من اللامبالاة في استخدام المياه اما بسبب عدم الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع او بسبب عدم المعرفة بتكلفتها الحقيقية ولابد من الاشارة الى ان المياه التي نستخدمها عليها ثلاثة انواع من التكاليف يمكن ايجازها بما يلي

1-   تكاليف تسهيل وصول المياه في الانهر يمكن ان تعرف بتكلفة توريد المياه :- تتمثل تلك التكاليف بكل التنازلات والتسهيلات التي تمنحها الدولة للدول المتشاطئة معها من اجل الحفاظ على علاقات تضمن لها المحافظة على نصيبها من الواردات المائية فضلا عن البنى التحتيه لحصاد المياه من داخل حدود البلد وان تلك التكاليف يتحملها المجتمع  وقد لا يأبه بها الكثير ممن يستخدم المياه.

2-   تكاليف ادارة الموارد المائية :- ان ادارة الواردات المائية التي تصل الى اي بلد تحتاج الى بنى تحتيه مختلفة كالسدود والخزانات والنواظم التي تساعد في عملية حصادها وخزنها وتوزيعها على الاغراض المختلفة ولا شك ان تلك المنشئات عليها تكاليف تشغيلية متمثلة بالاندثارات وبالفوائد على رؤوس الاموال المستثمرة فيها فضلا عن تكاليف صيانتها وتشغيلها وادارتها وفي الغالب فان الدولة تتحمل كل هذا النوع من التكاليف الاجتماعية التي قد لا يأبه مستخدم المياه بمستواها وحجمها .

3-   تكاليف الاستخدام وتتمثل بتكاليف تحويل المياه من مجاريها الطبيعية الى مواقع الحاجة اليها من خلال مشاريع الري او المضخات المباشرة او مشاريع ومجمعات المياه  وان صيانة وتشغيل وادارة  تلك المشاريع والمضخات فضلا عن  الأندثارات والفوائد على رؤوس الاموال المستثمرة فيها تمثل تكاليف الاستخدام  وان الدولة في الغالب  تتحمل كل او جزء  تلك التكاليف.

ويمكن ولو بأرقام تقريبية  ملاحظة كم هي تكلفة وحدة المياه الـ( م ³ ) في العراق  في نهر الفرات في محافظة الانبار فلو افترضنا بان العراق يتحمل اتفاقات  وتسهيلات تجارية مع دول الجوار المتشاطئة بنهري دجلة والفرات كانت بواقع عجز مقداره  نصف مليار دولار سنويا. نصفها تعتبر لتوريد المياه الى نهر دجلة والنصف الاخر لضمان توريد المياه الى نهر الفرات و نفترض ان معدل وارداتها السنوية  الى نهر الفرات كانت بواقع 13 مليار متر مكعب ، مما يعني بان كلفة توريد المتر المكعب هي 26 دينار عراقي .

     وفيما يخص تكلفة ادارة المياه في مجرى النهر باعتبار هذه المحافظة فيها ثلاث منشئات اساسة على مجرى نهر الفرات الاول متمثل بسد حديثة والثاني بناظم الورار وملحقاته والثالث بسدة الفلوجة ولو كانت الارقام في الجدول ادناه تمثل التكاليف الاستثمارية في تلك المنشئات والتكاليف التشغيلية ونصيب الموارد المائية منها اذا ما اعتبر سد حديثة لغرضين الاول لادارة المياه والثاني لتوليد الطاقة الكهربائية

جدول (1) التكاليف الاستثمارية للمشاريع ومستلزمات ادارتها والتكاليف التشغيلية لها

·       اعتبرت تكاليف الاندثار بواقع 3% والصيانة بواقع 4% للمنشئات الكبيرة بينما اعتبرت الاندثارات 10% للمكائن والسيارات والصيانة 5%

    يتبين من الجدول رقم (1) بان المياه الجارية في مجرى نهر الفرات في محافظة الانبار تكلفتها الاجتماعية بحدود 68.35 دينار عراقي للمتر المكعب وتزداد هذه التكلفة بسبب التكاليف الاضافية للمنشئات والادارات في المحافظات الاخرى .

     اما تكاليف تحويل المياه الى الاستعمالات المختلفة فهي الاخرى تختلف بحسب نوع الاستخدام والموقع وطريقة الضخ ونوع المضخة والطاقة التي تعمل عليها وطرقة نقل  المياه  فضلا عن المعالجات التي قد تجرى على المياه وخاصة عندما تكون موجهة للاستخدامات المنزلية فقد تصل في الاستخدامات الزراعية وبمشروع مبطن ومضخات كبيرة الى نحو 125 دينار للمتر المكعب وفي كثير من الاحيان تتحمل الدولة تلك التكاليف

   يضاف الى ما تقدم ما يمكن ان يتحمله المجتمع من تكاليف لبزل المياه الزائدة وارجاعها الى مجاري النهر .

       خلاصة ما تقدم ان تكلفة المتر المكعب من المياه في الاستخدامات الزراعية  قد لا تقل عن 200 دينار عراقي/م³  ، وان 50-100% من تلك التكاليف لا يدفعها الفلاح بل يتحملها المجتمع وقد تصل تلك التكلفة الى اربعة اضعاف في الاستخدامات الاخرى . ولذلك فان  مستخدم المياه يجب ان يستخدمها في اغراض تكون منفعتها او قيمة ناتجها الحدي يزيد على تلك التكلفة لتحقيق الكفاءة المرجوة في استخدام المياه.

لتحميل المقال انقر هنا