مقالة بعنوان المرأة في المجتمع البريطاني : ظهور النساء الكاتبات.

مقالة بعنوان المرأة في المجتمع البريطاني : ظهور النساء الكاتبات.

 

 

النساء في المجتمع البريطاني : ظهور النساء الكاتبات

شهدت مكانة النساء تحولات جوهرية على مر التاريخ. هذه التحولات لم تكن على نحو او اتجاه موحد, بل كانت مختلفة من بلد الى اخر ومن ثقافة الى اخرى. ففي المجتمع البريطاني وخلال القرن التاسع عشر  على سبيل المثال كان الرجل رمزا للرفعة وعلو الشأن, بينما صورت المرأة الجانب المتدني في المجتمع كان الناس في ذلك الوقت يعتقدون بأن الرجل هو الاقوى جسديا وعقليا و بالتالي فأن  مشاركة المرأة في الفعاليات واعمال المجتمع ضارا وقد يسبب مشاكل جسدية او عقلية لهن. مثل هذا الاعتقاد وقف في طريق النساء كي يصبحن عضوات مؤثرات في المجتمع وبالتالي حرمهن من فرص عديدة لتطوير وتحقيق اهدافهن واخذ ادوار مهمة في المجتمع.

مفاهيم جديدة ترتبط بالتمييز بين الرجل والمرأة قد بدأت بالظهور لترسم خطوطا محددة للنساء لا يمكن تخطيها للبقاء في امن او على الاقل لتلافي النقد الموجه لهن.  ومن ضمن هذه المفاهيم  جاء مفهوم المجالات او الميادين المحددة ليوضح للنساء المكانة والدور الذي يمكنهن ادائه في المجتمع. وقد عرف  الميدان المخصص للنساء بالمنزلي ,بينما كانت المجالات العامة تخص الرجال حصرا.

  في القرن التاسع عشر, برر ذلك التأكيد على حصر اناطة النساء للمجالات المنزلية واعطي بعدا ايديولوجيا من خلال العديد من الحجج التي تستند على نقاشات تتعلق بطبيعة المرأة و طاعة الرب وعلى ادلة من المجتمعات القديمة والحديثة. وفي الواقع عوملت النساء كخادمات لأزواجهن وكان كل ما يتوقع منهن هو رعاية الزوج والأبناء وهذا ما كان يطبق على نساء الطبقتين العليا والوسطى على حد سواء. اما  نساء الطبقة الدنيا فقد كان نصيبهن الخروج للعمل كعاملات منازل او كعاملات  في المصانع لكسب العيش.

احدى التغيرات الحاصلة في هذه الفترة ,بالإضافة الى تغيرات اجتماعية و صناعية عديدة, كان ظهور حركة حق المرأة بالاقتراع .حدث ها التغيير خلال العامين 1860-1928 ليؤشر  حادثة مهمة في تاريخ بريطانيا. ادى ظهور هذه الحركة الى ولادة العديد من المنظمات التي عكست تغيرات كبيرة في استراتيجيات العمل السياسي . لقد كانت بداية الاصلاح في ذلك القرن فاتحة للعديد من الفرص للمصلحين للتعامل مع الشئون الخاصة بالمرأة . ومن اوائل الذين خططوا وانشأوا حركات جق المرأة البريطانية بالاقتراع Barbara Bodichon , Bessie Rayner و Parkes Wroath.وكان من ضمن ما دعي له ترسيخ حقوق المرأة والاعتراف بها قانونيا. وقد شملت تلك الحقوق  حق المساواة في التوظيف والتعليم والزواج. وفيما بعد سمح للنساء بحق سيطرة الملكية وادارتها.

وفي العام 1839 كان اطفال المطلقات يؤخذون لأباءهم حسب قوانين الحضانة في ذلك الوقت. Caroline Norton كانت احدى النساء اللواتي حرمن من حضانة الاولاد بعد الطلاق وكانت قصتها المأساوية السبب في أصدار الفصل المعروف ب قانون حضانة الرضع الذي مرر في عام 1839. بناءا على هذا القانون كان للمرأة الحق باحتضان اطفالها ممن هم دون السابعة من العمر. مع ذلك بقي العون المالي من مسؤوليات الوالد. لم يكن الطلاق شائعا في ذلك الوقت بالنسبة للمرأة بل انه اعتبر من المحظورات في العهد الفيكتوري, والتي كانت تبرر فقط لأسباب قاهرة مثل الخيانة الزوجية. ثم جاء قانون اسباب الزواج في عام 1857   كأول نجاح قضائي نسوي حاسم بالرغم من المعارضة الشديدة لتقاليد الكنيسة الانجليزية. حسب هذا القانون الجديد, اصبح الطلاق  مسألة مدنية تدار من قبل المحكمة المدنية بدلا عن الاحوال الدينية المرسخة من قبل الكنيسة . حظيت النساء بحماية اكثر عن طريق القوانين الاربعة التي عرفت قانون ملكية النساء المتزوجات والتي اقرت من قبل البرلمان في الفترة ما بين 1870- 1880 . الحق الاساسي للنساء اكتسب من خلال هذا القانون هو إزالة اي قيود تمنعهن من السيطرة وادارة ملكيتهن الخاصة وهذا ما كان يتصوره الرجال فوق مستوى النساء اللواتي لم يسمح لهن ممارسة الحيازة الفعلية لثرواتهن. لكن الان احصلن على المساواة في هذا المجال.                             شهدت الفترة مابين 1890الى الحرب العالمية الاولى 1914 تلاشي القيود الفكتورية على يد المرأة من الطبقة المتوسطة حيث اصبحت المرأة اكثر فاعلية ولها تطلعات اكثر تخص العمل. نهوض المرأة  في هذه الفترة قاد الى مزيد ن الاتساع في المساندة العامة لها لتوقير الفضاء الذي يمكنها من التعبير عن صوتها السياسي وفي عام 1903 قامت  Emmeline Pankhurstبتأسيس الاتحاد الاجتماعي السياسي النسوي  الذي يمثل جمعية مساندة حق الاقتراع.

اندلاع الحرب العالمية الاولى  كان احد الاسباب التي ساندت الاناث في القرن العشرين لأنه الزم النساء بأداء عدة ادوار في المجتمع  ولذلك اصبحت خدماتهن و تضحياتهن تحظى بكثير من الاحترام. شكلت جمعية حق الاقتراع خلال الحرب لكنها لم تستمر. لكن الشعب البريطاني قيم الادوار المخلصة للمرأة التي نالت فيما بعد حق التصويت عام 1918. وقد نالت النساء في بريطانيا حق التصويت وفق معايير متساوية مع الرجال في عام 1928. اثبتت الحرب العالمية الثانية النجاح الذي صنعته في جعل الحرب حرب الشعب وقد عزي هذا النجاح بشكل كبير الى الاستغلال المبرمج المتعمد للنساء كعاملات وجنديات, وربات بيوت وقد اصبح هذا رسميا وفقا الدستور لعام 1941. ونتيجة لذلك اصبحت المرأة مساندة داعمة  للجهد الحربي وقد لقيت التشجيع والتحفيز بشكل كبير لعمل ما تشاء في خدمة المجهود الحربي لأن الحكومة اعطت وعود لمصلحة المرأة والمساواة. 

ورغم ان الرجل في ذلك الوقت كان هو المسيطر في مجتمعه على كل نواحي الحياة ومن ضمنها مجال الادب, ظهرت العديد من النساء ككاتبات في بريطانيا ضمن سعيهن لمكانة مرموقة في المجتمع. معظم اولئك الكاتبات عكسن معاناة المرأة في المجتمع الذكوري في كتاباتهن حيث شهد القرن التاسع عشر ظهور كاتبات رائعات مثل جين اوستن, جورج اليوت, اليزابيث برات براوننغ, اليزابيث كاسكل , ميري شيلي, والاخوات برونتي. هؤلاء الكاتبات لعبن ادوار مهمة في تمكين حصول المرأة على حقوقهن في المساواة والكثير منهن نجحن في الاضافة على والتأثير في ازدهار الادب في ذلك الوقت. لم يكن ذلك بالسهل بل واجهن الكثير من الصعوبات التي كان من ضمنها ان الفتيات لم يسمح لهن بالقراءة الحرة اي ان بعض المواضيع لم تكن في متناول يد الفتيات للقراءة . بعض انواع الروايات اعتبرت غير ملائمة للفتيات لذلك لم يسمح لهن بقراءتها كروايات المغامرات مثلا . الادوار الاجتماعية النمطية المفروضة على الفتيات ظهرت بوضوح في الروايات المقدمة للفتيات والتي تقدم الادوار المتوقعة اجتماعيا من المرأة. اعتبرت تلك الكتابات فرصة لجعل المرأة تدرك مكانتها ودورها الذي يتوقعه منها المجتمع.

ماريا اجويرث كانت احدى الروائيات الحريصات على تعزيز الادوار المرسومة من قبل المجتمع . لقد كتبت ليس لغرض تعضيد قوة المراءة او تعزيز حقوقها بالمساواة بل على العكس كانت كتاباتها تعزز التوصيات الاخلاقية تقوي الاراء التي يجب على المراءة احترامها . وقد جاءت رواية بلندا 1801      , و رواية باترونج (1814) امثلة على ذلك.   هذه الروايات و أمثالها يطلق عليها الادب التعليمي الذي يقوي الادوار الجنادرية  بدلا من تعزيز مكانة المرأة كعضو حر فاعل في المجتمع.

ورغم ذلك كان ظهور العديد من الكاتبات اللواتي تحدين القوانين المفروضة من قبل المجتمع الذكوري من خلال كتابة الروايات . وكانت الاخوات برونتي و اليزابيث كاسكل وجورج اليوت امثلة للروائيات اللائي قدمن بطلات رواياتهن لاظهار قدرة المرأة على ان تكون قوية وعاطفية في وقت واحد. بالاضافة الى عرض حالة المرأة المسجونة ضمن المجال المحلي رغم قدرتها على المساهمة الفاعلة في مجالات عامة اخرى.

                             

  

في البداية, كتبت هؤلاء النسوة تحت اسماء ذكرية مزيفة لتفادي القيود المفروضة عليهن وهذا ما حدث بالذات مع جورج اليوت والاخوات برونتي. وكان ذلك لعدة اسباب منها انهن اردن عبور القيود التي كانت تقيد الكتاب من النساء بالاضافة الى رغبتهن بان يقيمن وفق نفس المعايير التي يقيم الكتاب من الرجال بموجبها. اعتاد النقاد بان يقيموا الكتابات النسوية بطريقة مختلفة عن تلك التي يقيمون بها الاعمال يكتبها الرجال فقد كانوا متحيزون بشدة للكتاب من الرجال وكان هذا واضحا عندما اكتشفوا ان كيرير بيل لم تكن رجلا بل انها شارلوت برونتي. لذلك فقد تأثرت آراؤهم بصورة كبيرة فقط عندما عرف الجنس الحقيقي للكاتب.

وفيما بعد, ادرك الناقدون متأخرا جدا الذكاء والموهبة التي تتمتع بها اولئك النسوة الاديبات مثل الاخوات برونت اللائي كن وسيبقين معروفات يدورهن في التأثير على الادب النسوي بصورة خاصة والروائيين من الذكور بصورة عامة الى يومنا هذا.

                                                                                       

 

 

 

 

المراجع       

Burman, Barbara. (1999). "Made at home by clever fingers: home dressmaking            in Edwardian England", in Burman, Barbara (ed.), The culture of sewing:           gender, consumption, and home dressmaking, Oxford New York: Berg, p.          34, ISBN 9781859732083.

Halévy, Élie (1934), A history of the English people, London: Ernest Benn.

Hilton, Boyd. (2006)."Ruling ideologies: the status of women and ideas about             gender", in Hilton, Boyd (ed.), A mad, bad, and dangerous people?:                    England, 1783-1846, Oxford New York: Oxford University Press, pp.                353–355, ISBN 9780198228301.

Keche, H., & Mammeri, C. (2017). Women’s Suffrage Movement in Britain:            The Long Road toward Women’s Rights (1850/1928)(Unpublished                     Doctoral dissertation), University of Tlemcen: Algeria.    

Lyndon Shanley, Mary (Autumn 1986). "Suffrage, protective labor legislation,        and Married Women's Property Laws in England". Signs: Journal of Women        in Culture and Society. Chicago Journals. 12 (1): 62– 77.                                     doi:10.1086/494297. JSTOR 3174357.

Pugh, Martin (1980). Women's suffrage in Britain, 1867-1928. London:                        Historical Association. ISBN 9780852782255.      

Rendall, Jane. The Origins of Modern Feminism: Women in Britain, France,               and the United States, 1780-1860. New York: Macmillan, 1985. Print.        

 

Sindradóttir, T. S. (2015). Nineteenth Century Women Writers and the                          Challenge of Gender Roles:  Feminist Heroines in the Novels of the                    Brontë Sisters (Doctoral dissertation). University of Iceland, Iceland. 

Stone, L. (1990). Road to divorce: England 1530-1987 (Vol. 180). Oxford: Oxford University Press.                                                                          

Taylor, Q. (2000). The African American experience: A history of Black Americans from 1619 to 1890. Washington: University of Washington.